Skip to content Skip to sidebar Skip to footer

تجربة الرسام العراقي حكم الكاتب

Loading

https://www.alquds.co.uk/تجربة-الرسام-العراقي-حكم-الكاتب-الخرو

الخروج عن النسق التقليدي في تكوين شاعرية النص البصري

والحياة. وفي هذا المنحى الجوهري من عمل الفنان، فإنه يسعى إلى التماس مع ملامحه الخاصة في تشابكاتها مع الزمن، فهو يعمل في مشغله على التوغل عميقا في ذاته وعوالمه الداخلية، والتجربة الفنية التي يخوضها بمثابة مرايا يستشرف فيها قدرته على مساءلة الوجود من خلال ذاته في حراكها العقلي والوجداني. وبناء على هذه الرؤية فإن اللوحة عند الرسام حكم الكاتب تأخذ المتلقي إلى أن يهيم في فضاء مفتوح على مساحات من الألوان والأشكال، لا يكترث فيها الفنان أن تكون في حالة تجاوز للوضوح والمباشرة، بل أن التنقيب في شاعرية النص البصري الذي يحتفي به في لوحته يقف في مقدمة قصدياته، إذ أن هناك انفصالا وقطيعة في بنية مفردات لوحته عن ما يمكن أن يكون واضحا ومقصودا، بهذا المعنى تكون اللوحة لديه خروجا عن النسق التقليدي في التفاعل مع الواقع.

انتهاك السطحية

هناك ما هو مضمر في البنية القائمة على تجريد الأشياء من واقعية حضورها المألوف والطبيعي في مشروعه الفني، وهذا يفرض على متلقي لوحاته أن يتنحى عن موقعه إذا ما كان منسجما مع الذوق العام، ويحاول أن ينطلق في قراءة اللوحة انطلاقا من سياق لغتها وما تطرحه من دلالات مكثفة داخلها، لأنه يعمد في تجربته على أن تكون مركبة من مستويات متعددة، وليست من البساطة في شكلانيتها إلى الحد الذي تفصح عن خطابها بشكل واضح، فما ينطوي عليه فهم حكم الكاتب لطبيعة اللوحة قائم على الاختلاف وليس تكريسا للتكرار والتشابه، فهناك حرص على انتهاك السطحية في التعبير عن وعي العالم عبر العمل الفني، كما أن وجهة نظره تذهب إلى ناحية تأسيس واقع جديد في الشكل الفني، لا يستعيد فيه صورة الواقع أو يعكسها على سطح اللوحة، بل يبتكر الواقع بمنطقه الذاتي الخاص به، ومن وحي مدركاته وذائقته والزاوية الخاصة التي ينظر من خلالها.

مخيلة مغامرة

يمكن مقارنة لوحاته بما ينثال في الأحلام من صور لها صلة بالتجربة المعاشة للإنسان، لكنها مختلفة تماما عنها، بل هي أقرب إلى أن تكون صورة أنتجتها مخيلة مغامرة لا تقف أمام ضوابط واشتراطات واقعية في ما تنتجه من صور، ومع أنها تقع في منطقة التغريب لكنها تمنح المتلقي فسحة للتأمل والقراءة واكتشاف ما تعجز العين عن الوصول إليه في الواقع عن حقيقة الأشياء وسبر أغوار النفس الإنسانية أو تحسس صور الجمال في لحظات القبح، وقوة التجريد وحضوره في لوحاته آت من أنه فنان ينتمي بأسلوبه إلى مخاضات الفن الحديث بما يمنحه للفنان من تقنيات وآليات تتيح للألوان والأشكال أن تعبر عن الأحاسيس والأفكار بشكل أكثر تعبيرا من البوح عبر أشكال واقعية تشخيصية.

قوةالشكل التجريدي

يبدو حكم الكاتب في مسار تجربته منسجما مع توقيعات التعبيرية التجريدية، فمن السهولة ملاحظة نقاوة الألوان لديه وتغطيته لكل الفراغات في اللوحة، وهو في ذلك لا يسعى إلى تحقيق الإبهار والدهشة فقط عبر مساحات لونية وأشكال غائمة ومموَّهة، أو لوحات منزَّهة من الغرض أو الدلالة، تكتفي بأن تطلب من المتلقي أن يشكل موقفا جماليا ينتهي عند حدود الاستمتاع والتطلع الوجداني لا أكثر، بل على العكس من ذلك فهو يحاول تحقيق نوع من التوازن والتعالق الإشاري ما بين الشكل التجريدي والفكرة المرتبطة بحركة الواقع، فاللوحة في مستوى ما ينظر إليها وينجزها تبدو من الناحية الشكلانية مساحة تجريدية يطغي عليها الأسلوب الشخصي، لكنها تبعث إشارات جمالية تستفز وعي المتلقي وتدفعه إلى أن يجنح بأفكاره وخيالاته وهو يخوض تجربة التأمل والاستغراق في مفرداتها، بمعنى أنه يبقي الباب مفتوحا أمام ما تبعثه من إيحاءات وتلميحات يمكن أن تستوعب تفسيرات وتأويلات مختلفة.

وتجربة حكم الكاتب بما هي عليه من نزعة تجريدية تعبيرية، تحمل في شكلانيتها البارزة موقفا مرتبطا بفكرة التوحد مع الزمن الإنساني، لكن ارتباط هذه التجربة مع الزمن ببعده الاجتماعي والوجودي والإنساني، لا يُعبِّر عنه وفق صياغات واقعية أو انطباعية أو رمزية يمكن الإمساك وبسهولة بما تشير إليه من دلالات لها صلة بالإنسان ووجوده، بل يرمي في لوحته إلى خلق تجربة فنية تتحقق فيها متعة عقلية ولكن عبر منظومة جمالية قائمة على تأسيس علاقات مبتكرة على سطح اللوحة، تجمع في بنيتها الألوان والمساحات إضافة إلى إشارات رمزية مستوحاة خطوطها المجردة من الواقع.

ممارسة جمالية

الذي يلفت الانتباه في لوحات حكم الكاتب أنها بعيدة عن التجارب التي يحاول فيها الرسامون اللجوء إلى كل ما هو غريب في الخامات والموضوعات، وهذا يعود إلى أن وعيه للتجربة الفنية ينطوي على أنه يولي أهمية للموضوع المرتبط بالواقع والحياة بالقدر الذي يضع اهتمامه في تأكيد قدراته التكنيكية وهو يتصدى لصياغة اللوحة، فالرسم كما يبدو لديه لا يخرج عن كونه ممارسة تشكيلية جمالية، مثل غيرها من الظواهر الثقافية التي لا غنى عنها في الحياة، لكنها لا تنسلخ عن الأفكار والتطلعات الذاتية التي يحملها الفنان باعتباره كائنا إنسانيا اجتماعيا لا يعيش في كوكب خاص منفصل، من هنا نستطيع أن نستشف ما تحمله لوحاته من إشارات، نسمع فيها صدى نبرة السخط والتمرد على أوضاع وظواهر تتلاعب بمقادير الإنسان ومصيره.

أسلوبية واضحة

لوحات الكاتب تترك انطباعا عاما يشعر المتلقي إزاءها بأنه أمام تجربة فنية تبعث على الإحساس بقوة الجانب الجمالي وضرورته، رغم ما في هذه التجربة من ممارسة إبداعية للتعبير عن موضوعات ذات أبعاد تراجيدية مرتبطة بالواقع والإنسان، وبهذا المسار والنهج الفني الذي تتماسك فيه حدود تجربته، يمكن القول بأنه ينطلق من رؤية فلسفية جمالية نابعة من تجربته الذاتية، ومن خلالها يرسم الأطار الفني العام الذي يعبِّر عن نشاطه وفاعليته الفنية، وبواسطته يتمكن من تحقيق إشارات التواصل مع المتلقي، والأخذ بتجربته إلى منطقة الخلق بما تفرضه التجربة من ضرورة اكتشاف التقنيات الإجرائية التي تضفي الخصوصية الأسلوبية عليها، والمهم أنها واضحة المعالم وليس من الصعوبة معرفة أسلوبه، وهذا يعني أن لديه معايير فنية وتقنية ينطلق منها، على الأقل في المرحلة الحالية التي ينتج فيها، وربما سيتوصل في المستقبل إلى محطة جديدة تتغير فيها تجربته من حيث الأسلوب والتقنيات طالما هو لا يتوقف عن البحث، ولا أشك في أنه من بين قلة من

الرسامين الشباب الذين لديهم هاجس التجديد والانتقال إلى أفق آخر بمعايير وتقنيات أخرى

Leave a comment

Let's work together!
Just drop me a line - info@hakamart.net

HakamArt © All Rights Reserved.