Azzaman | الزمان
رسامو الألوان المائية يعتمدون شفافية الفن وعمق الأثر
تظاهرة لونية غاية في الألق بمعرض عالمي
الموصل – حكم ناطق الكاتب
دأب الفنان التشكيلي العراقي على خوض مضمار الرسم والنحت وإستلهام القيم المثلى ومحاكاة الطبيعة وخلق بيئة تتناغم وتطلعاته المستقبلية قبل التاريخ بل وحتى قبل إكتشاف الكتابة فضلاً عن العجلة .. عبر توثيقها فوق سطوح الجُدر الغارقة بين ثنايا التاريخ والشواهد كثيرة بدءً بكهف شانيدر الى غير إنتهاء .. ومن هنا إمتد ذلك الوتر عبر العصور والأزمان في وحدة الجغرافية التي حسرت بين دجلة والفرات فكانت بلاد مابين النهرين .. أما الفنان المعاصر فقد تجسدت تلك المنظومة المركبة الغنية والمكتنزة بقيم الجمال وانصهار كل تلك الخيارات المتراكمة التي وصلتنا بالموروث الجمعي لدى الفرد العراقي وانعكاسها من خلال قنوات الايصال البصرية بشتى مجالاتها التكوينية من خلال اللوحة المسطحة والتشكيل المجسم وغيره من مجالات التصوير. بدأ التعبير عن مكنونات خواطر الفنانين المعاصرين وذلك الهدير العارم من رسوم الطبيعة ومحاكاتها والتشخيص فضلاً عن الاختزال والتجريد المتفرد والعال فأبدع الفنان العراقي أيما ابداع، ذلك لتحقيق الهدف الجمالي الذي يصبو إليه الفنان.. ليرقى بأعماله الفنية نحو التكامل والخصوصية.
بستان جمال
فقد قلد في أعماله النحل إن جاز التعبير فطاف على بستان الجمال زهرة زهرة ثم إمتص رحيقها وانتج بعد هضمها شهدً دون التنصل من إرثه الذي ورثه فقد كان للفنان العراقي سمته التي إمتاز بها عن نظرائه حيث انه فاق أقرانه من الفنانين الذين عاصرهم من باقي البلدان حيث أن الـ DNA كان واضحاً بسحنات الوجوه التي رسمها والتناص الواضح من قلب الاختام الاسطوانية فضلاً عن الرُقم والمخطوطات وميله للألوان التي إستخدمها جدهم الفنان السومري والاشوري .. فولد من رحم ذلك الجمال رواداً اثروا الحركة التشكيلية بايقونات قل نظيرها بين البلدان والأزمان فكان فائق حسن وجواد سليم ووداد الاورفلي ونجيب يونس وراكان دبدوب وكثيرون .
وليس بعيد عن الفنان نجيب ودبدوب، نحن اليوم نعيش حالة الفخر والريادة بين أقطار عربية وأقليمية في انضمام مدينة الموصل للجمعية العالمية لرسامي الالون المائية والتي أحتفلت في العام المنصرم بمرور عقد على تأسيسها في مدينة فابريانو بإيطاليا .. مدينة الجمال وعاصمة الفن والفنانين، حيث كانت للجمعية العالمية لرسامي الالوان المائية – الموصل / العراق سباقة في وضع حجر أساس في المدينة لتكون نواة يجتمع حولها فنانو المدينة المليئون شغفاً للجمال والمتطلعين لغد ملون بشفافية تلك الألوان وعطر عبيرها الأخاذ، ليلتف حول مركزها نخبة لامعة منهم ويكونوا بهذا إنطلاقاً للعالمية رافعين راية خفاقة موئلها السلام والمحبة واقفين بين أقرانهم من أقطار مختلفة ربما لايجمعهم لون او دين ولا حتى جغرافيا وتوحدوا تحت لواء الفن والانسانية والجمال.. لملموا جراحهم التي ادملت جراء ما دار بهم من صعاب وحروب دارت رحاها فوق جنباتهم وفوق الرؤوس .. شدوا المآزر وعضوا على آلامهم ووقفوا شامخين يرسمون ويرسمون تناسوا ذلك الصعب وجعلوا أعينهم تراقب الأفق آملين بغدٍ أبهى فلم يقفوا مكتوفي الأيدي بل جمعوا أدواتهم وذهبوا الى تطلعاتهم نحوا العلا، فلم ينتظرونه ليأتي بل ذهبوا هم اليه باصرار وعزيمة وها هي الأيام تمنحهم ما أرادوا وطوعوا الزمان لينحني لجهدهم، فيليق الجمال بأصحاب الجمال ..
حيث اقام الفنانون الموصليون الافذاذ قبل عام ورشة للرسم بالألوان المائية وبقيادة الاستاذ الدكتور خليف محمود.. قبيل المعرض العالمي المقام هناك في مدينة فابريانو في ايطاليا وبالفعل تم عرض المنجز المتحقق جراء تلك الورشة التي كان فيها المشاركون يفرشون تجاربهم وإمكاناتهم التي لاتقل إطلاقاً عن ما تحقق في مجال الرسم بالالوان المائية في مدارس الفن في أوربا وامريكا والعالم .. إستعداداً لمعرضهم المقام على ارض الموصل كما فعل أقرانهم من باقي الدول المشاركة التي ناهز الـ 110 دولة من شتى بقاع المعمورة لتكون تظاهرة لونية غاية في الألق وقد كان هذا احتفاءً بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيس الجمعية في ايطاليا في 23-01-2022 وها هم اليوم في ذات التوقيت من العام 2023 يقيمون ورشة للرسم بالالوان المائية وقد تزايد عدد المشاركين الى الضعف يتهيئون للمعرض الرسمي العالمي الذي سيكون أفتتاحه في جميع أنحاء العالم بتاريخ 23 كانون الثاني الجاري، وقد كان للموصليين الريادة في هذا المضمار فهم يمثلون العراق بجوازات عبور جديدة عبر لوحات توحدت مقاساتها ليكونوا سفراء الجمال حاملين رسائل مفادها نحن فنانو الموصل يد ترسم على الورق ويد تبني المستقبل.
